أوضح السيد جمال مبارك الأمين العام المساعد أمين السياسات خلال لقائه مساء أمس الأول بطلاب جامعة جنوب الوادي أن اتجاه الحزب وحكومته الحالي هو محاولة تحقيق عدالة التوزيع في خلق فرص العمل بين الوجهين القبلي والبحري عن طريق تقديم العديد من الحوافز والدعم المباشر أو غير المباشر للمستثمرين حتي يتوجهوا بمشروعاتهم إلي الصعيد.وأضاف أن الموضوع ليس فرص عمل فقط مشيرا إلي مشروع تنمية الألف قرية، والتوجه لها باستثمارات جديدة ومشروعات خدمية من مياه وطرق وصرف صحي إلي بناء مدارس، والتأكد علي حصول المستحقين لمعاش الضمان الاجتماعي، وأيضا البطاقات التموينية، والنظام الجديد للتأمين الصحي، لأن مثل هذه القضايا تمثل عصب الحياة في أي قرية مصرية.
وأكد أن قطاع الصناعة شهد خلال السنوات الاربع الاخيرة استثمارات كبيرة فتحت أبواباً للرزق وأحدثت طفرة في التصدير، وأن ما تحقق في هذا القطاع يفوق ما تحقق خلال 15 سنة. وأشار إلي أن المعونة الأمريكية لا تمثل شيئاً يذكر للاقتصاد المصري حاليا مشيراً إلي أن موازنة الدولة تجاوزت 400 مليار جنيه. والناتج القومي وصل إلي تريليون جنيه. قال جمال مبارك الأمين العام المساعد أمين السياسات إن الذين يهاجمون دور مصر الإقليمي بدعوي تراجعه توقف تفكيرهم عند مرحلة الستينات، وأن هناك أطرافاً تحاول تنفيذ أجندتها الخاصة علي حساب القضية الفلسطينية، وأن مصر ترفض توجيه ضربة عسكرية ضد إيران بالرغم من الخلافات معها.
وشدد أمين السياسات على أهمية إدراك ومتابعة التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم من حولنا. مشيرا إلي أن مصر لها علاقات متميزة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وأنه من الأهمية بمكان توظيف هذه العلاقات على نحو يسهم في خدمة المصالح المصرية.
وأكد جمال مبارك على أن مصر ستظل تتحمل دورها التاريخي في فلسطين حتي تعود الحقوق لأصحابها، وأن هناك أطراف تحاول تنفيذ أجندتها الخاصة علي حساب القضية الفلسطينية. و قال أن هناك ناس تحاول التقليل من دور مصر. وتقول إنه تراجع عما كان عليه في الماضي. وهؤلاء مع الأسف توقفوا عند الستينيات. ولا نستطيع التعامل مع من يفكر بطريقة الستينيات لأن العالم تغير حتي لو كانت المشكلات نفسها قائمة منذ الستينيات. وأضاف أن مصر دولة محورية لذلك تهاجمها معظم الفضائيات، وأن مصر ترفض توجيه توجيه ضربة عسكرية ضد إيران برغم الخلافات معه. وانتقد بعض الذين هاجموا قرار الموافقة علي وقف إطلاق النار في حرب أكتوبر قائلاً: "تخيلوا حالنا الآن إذا كانت أرضنا غير محررة".
وبعد انتهاء أمين السياسات من كلمته، جاء الدور على الشباب من خلال حوار مفتوح شمل معظم القضايا الداخلية والخارجية. وكانت الرسالة الأساسية لهذا الحوار أننا " إذا لم نلاحق التغيرات المتغيرات المتسارعة من حولنا فسوف نتخلف".
ورداً على أسئلة الشباب، أوضح أمين السياسات أن الحزب الوطني سيعلن بشكل واضح خلال مؤتمره السنوي المقبل آخر ما وصل إليه برنامج الملكية الشعبية. وفي حالة إقرار التصور النهائي في المؤتمر سيتم رفع مشروع قانون يدخل في دورة مجلس الشعب القادمة. وقال إن المساحة المتاحة للمعارضة غير مسبوقة مع الانفتاح الكبير في جميع وسائل الإعلام، وأنه ينبغي الاتفاق مع الخط العام الذي يحافظ علي مصلحة الوطن".
وعن الاستثمار الاجنبي والتخوف من عمليات غسيل الأموال. قال إن جذب الاستثمارات شيء وغسيل الأموال شيء آخر. وشدد علي أن السياسة ابسط بكثير مما يصوره من تشاهدونهم في التليفزيون ويحاول بعضهم ان "يغلف" الأمور. مشيراً إلي ان العمل السياسي اساسه القضايا المحلية. وضرب مثالا لذلك بزيارته في نفس اليوم لقرية "الاميرية" في مركز "أبوتشت".. وتوجه كلامه لصاحبة السؤال: "أنت مواطنة لك طلبات.. ممكن تتوجهي بها بشكل فردي.. وممكن تتفقي فيها مع مجموعة أخري من المواطنين وتتفقون علي تنفيذها بشكل جماعي.. فيكون الحزب". واكد علي أن القدرة علي اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب من أهم سمات الشخصية القيادية. خاصة لو كان القرار صعباًً وعليه الاختيار من بين 7 أو 8 بدائل.. واضاف: "علي المستوي الشخصي فإن السمة الأهم هي توقيت اتخاذ القرار. لانه قد يحدد مصير شعوب ودول ومسار التاريخ كله"..
واستطرد: الناس والمحطات التي تحاول التأثير عليكم لها أجندتها ولو كان الرئيس السادات لم يتخذ قراراً بالتوجه نحو السلام ولم يقل جملته الشهيرة "مستعد للذهاب حتي آخر الدنيا" لبقينا حتي اليوم علي نفس الحال.. وللأسف هناك التباس في بعض الصحف في مسألة التوجه للسلام. وأشار الي أن توقيت قرار السادات بالتوجه نحو السلام كان في غاية الأهمية لأنه جاء بعد أول حرب عربية ننتصر فيها. وكنا قبلها خارجين من نكسة وسيناء محتلة وتخيلوا معي حجم وثروات سيناء وقناة السويس وهي محتلة.. ضعوا أنفسكم في ظروف مشابهة.. وبعد النصر استعدنا كرامتنا أمام العالم كله". وأضاف: لو لم استغل قوة الدفع في اشارة لقرار الرئيس السادات الصائب والعالم كله مترقب.. وأمريكا ايضا خاصة بعد أن نجحت واثبت قدرتي علي عبور قناة السويس. وهو العبور الذي قالوا عنه مستحيلاً.. لما كنت أستطيع تحرير سيناء بالكامل.. لأننا كنا نعرف أن أمريكا ستدخل.. ورغم أننا اتخذنا القرار الصحيح إلا أن بعض "الفلاسفة المتفلسفين .. انتقدوا قرار وقف اطلاق النار.. ولم يكن لنا أن ندخل حرب مع أمريكا التي فتحت جسراً جويا لامداد إسرائيل بالسلاح. استطرد : "راجعوا خطاب الرئيس السادات في الكنيست الإسرائيلي.. فهو أبلغ رد علي المتفلسفين .. ولقد شبعنا من كلامهم .. وتخيلوا معي لو كانت سيناء لاتزال محتلة.. ماذا ستقول الاصوات التي تحاول الآن أن تحبطكم حول دور مصر.. مصر لها احترام في العالم كله..
أوضح أن ورقة المباديء التي حصل عليها السادات وملحقة باتفاقية كامب ديفيد كانت تعطي الفلسطينيين حكما ذاتيا في الضفة وغزة.. ويبدأ معها التفاوض علي الوضع النهائي.. وبالتزامن مع ذلك ينسحب الجيش الإسرائيلي من الأراضي المحتلة مشيراً إلي أننا أصبحنا كعرب في موقع أضعف ووصل جمال مبارك إلي قمة حماسته وتركيزه علي نقاط في منتهي الأهمية عندما قال: "والدي وجيله ضحوا بالدم من أجل تحرير كل شبر من أراضينا.. وكان ممكنا أن يعود الوضع إلي ما هو عليه إذا ما سقطنا في فخ التهور.. ونحن نعيش أطول فترة في تاريخ مصر المعاصر كل شبر من أرضنا محررة.. وهذا قيمة كبيرة في حد ذاته".
وعن أحداث الحرب على غزة، أشار جمال مبارك إلي أن الناس كانت معبأة هذا الدور المصري وتحميله وزر القضية رغم أن البعض هم الذين تسببوا في أن يحل الخراب بغزة.. ولكن في النهاية.. من الذي نجح في وقف الحرب.. وعقد مؤتمر إعادة إعمار غزة.. انها مصر. ولفت إلي أن هناك أطرافاً تحاول تنفيذ أجندتها الخاصة علي حساب القضية الفلسطينية. وتابع: "أنا بخدم القضية.. ولكن لن أنجر للخطأ وضد مصلحتي.. ورغم كل ما قدمته مصر للقضية. إلا أن هذه الأطراف تقول إن مصر هي التي أضعفت الوطن العربي.. ولا تتخيلوا الضغوط التي مورست علي الرئيس مبارك في العالم العربي وإسرائيل في الثمانينيات.. وكل طرف يريد من مصر أن تتراجع.. وتقول مفيش اتفاقية.. ولكننا استمرينا".
وأوضح انه في ظل المقاطعة التي كانت مفروضة علينا. إلا أن مصر هي التي نجحت في إقناع الإدارة الأمريكية بالتحاور مع قيادات منظمة التحرير الفلسطينية رغم أنها كانت تعتبرها منظمة إرهابية. والرئيس مبارك هو من أخذ بيد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات رحمه الله إلي غزة. وفي قمة بيروت 2002 تم التصويت علي المبادرة العربية بالاجماع رغم أن بنود المبادرة لم تكن مطروحة علي الاطلاق في نهاية السبعينيات.
وأضاف: "ما أسهل المتاجرة بدماء الشهداء.. والذين يهاجمون الدور المصري ماذا قدموا للقضية الفلسطينية.. ونتمني أن تتوصل الأطراف الفلسطينية إلي حل يؤدي إلي المصالحة.. ويصبحوا صوتاً واحداً.. لان المستوطنين يتزايدون يوماً بعد يوم.. والقضية تزداد تعقيداً".
وفي رده علي سؤال حول العلاقة بين مصر وايران قال جمال مبارك إن ايران دولة مهمة ولنا خلافات معها، ولكننا لسنا مع توجيه ضربة عسكرية لايران. مشيرا إلي ان الخليج العربي بعد مهم للأمن القومي المصري.
وعن المعونة الأمريكية والعلاقة بين مصر والولايات المتحدة أشار أمين السياسات إلي ان هناك "حساسية" في العلاقة بين الولايات المتحدة وأي دولة أخري ضاربا المثال لذلك بالجدل الدائر في فرنسا حول علاقتها بالولايات المتحدة. موضحا ان السنوات الثماني الماضية شهدت توترا وخلافات جوهرية بين البلدين. وأضاف: ان المعونة الأمريكية رغم انها ساعدتنا في السابق إلا انها حاليا لا تمثل شيئا بالنسبة للاقتصاد المصري حيث انها تبلغ 250 مليون دولار. بينما موازنة البلد 400 مليار جنيه والناتج القومي تجاوز التريليون جنيه. استطرد: المعونة ليست سيفا مسلطا علينا ومنذ عشر سنوات اتخذنا قرارا طوعيا بتخفيضها 50% واقرأوا التاريخ وأرصدوا الخلافات الحادة فهي أبلغ دليل علي عدم وجود تأثير أو ضغوط بسبب الميزانية ومصلحتنا هي التي تحركنا سواء مع الصين أو روسيا أو الاتحاد الأوروبي.
